أن تكره الليبرالية يعني أن تركل الديموقراطية وتبصق على الوطنية وتلعن الحرية وتتقيأ على الرأسمالية ، فإن حاولت أن تُجزئ النظام الليبرالي من مكوناته الثلاثة في الإقتصاد والإجتماع والسياسة .. حصلت على نتيجة مشوهة وممسوخة !
وابحث عن نظم أخرى طبقت الديموقراطية في نظامها السياسي , أو أعطت وفرة في الحرية كما فعلت الدول الليبرالية .. ولن تجد !
الشيوعية زعمت أن لديها ديموقراطية الفقراء ، وأثبتها لينين بـ أن قتل كل من صوت ضده في انتخاباته ، والعرب من بعدهم زعموا أن عصر الإقطاع قد انتهى ، وآن الآوان لـ يحكم الشعب نفسه بـ نفسه , فـ تقمص عبد الناصر دور الشعب .. وقرر أن يحكم أبداً ما دام في الآباد ، وعليها كان يصرخ يوم حادثة المنشية في الشعب : كلكم عبد الناصر .. كلكم عبد الناصر ... !
وعلى طريقته تشكلت ديموقراطية العرب ..
القصد أن المثل الأعلى لـ تطبيق الديموقراطية هي النظم الليبرالية ، لأنها جزء أساسي منها وليست دخيلة عليها ..
فإذا أرادت دولة أن تتماشى مع روح العصر , وتدعي الديموقراطية فعليها أن تتشبه بـ الدول الليبرالية ، وكلما تشبهت أكثر .. كلما تحسن وضعها الديموقراطي ، إلى أن تتفرنج أو تتأمرك على الطريقة اليابانية , وتتحول ثقافتها الموروثة حتى لو كانت دين إلى نوع من الفولكلور ، كأن نُصلي يوم واحد في السنة إحيائاً لـ تراثنا القديم مثلاً .. وهو ما فطن إليه بن علي في تونس , في خضم دفاعه عن الإسلام .. فقرر أن يُحافظ على استقرار مستوى الديموقراطية في بلاده !
ونتيجة لـ هذا القصد , فـ إن فكرة ترقيع نظام بـ نظم أخرى لا ينتج عنه إلا مسوخ مشوهة .. لا تختلف عن مسخ فرانكنشتاين ، كـ نظم الستينات الإشتراكية اقتصاداً والديموقراطية سياسة ، وتحولها في النهاية إلى شيء بلا معالم !
إعتدنا كـ مُسلمين أن نشمئز من الليبرالية ، لأنها تُمثل لنا كل معاني الفساد الأخلاقي والعري والإلحاد والتبعية للغرب .. بسبب أن أغلب من يُمثل الليبرالية في بلادنا .. مُجرد مأجورين أو مُعقدين نفسياً أو لديهم ثأر مع المجتمع والدين ، ناهيك مثلاً عن أشكال أبطال غرزة ابن خلدون التي تجعلك تتقيأ فور سماعك لـ كلمة ليبرالية !
لكن ماذا عن ليبرالية أخرى ، تتحدث عن المساواة والحرية والعدل والديموقراطية والنهضة والقوة العسكرية ومُقارعة الغرب ، مع احترام الدين والعادات والتقاليد , على اعتبار أن الدين والعادات والتقاليد ستدخل تحت شعار الحرية , وبهذا لن تخرج على قيم الليبرالية الأصلية ... إذاً كيف تكرهها بـ قدر كراهيتك لتلك المألوفة عندنا ؟!
أي نتجه إلى السؤال المُمل : هل يُمكن أن تتحقق معادلة .. ليبرالي مُسلم ؟
نعود أولاً إلى القرن الماضي , أيام عز الماركسية ..
فـ المؤكد أن الماركسيين العرب في القرن الماضي عانوا كثيراً للتوفيق بين الإشتراكية والإسلام , والسبب أن ماركس لم يتخيل في أكثر لحظات حياته تفاؤلاً أن يخرج من بين المسلمين من يؤمن بـ أفكاره وينشرها فـ أحرجهم حين زعم أن الإسلام ينتج نوع من التخلف يمنع ظهور نخبة مثقفة قادرة على إحداث التغيير وتطوير المجتمع الإسلامي !
ثم أحرجهم مرة أخرى , حين طالب الدول الرأسمالية بـ استعمار الشرق المسلم ( قبل أن تأتي إسرائيل ويصبح أوسط ) ، لأن مهمتهم الحضارية توجب عليهم نزع الإسلام بـ القوة , وتغيير البناء الأيدولوجي في الدول الإسلامية ولو أبادت ثلث سكانه في سبيل هذه المهمة الحضارية النبيلة !
وإضافة إلى إحراجهم , فقد أحرج نفسه بـ هذا التناقض الذي وقع فيه , حين ناقض ثقافته التي تقوم على حتمية التغير ، وأن تحول المجتمعات للإشتراكية أمر خارج عن إرادة البشر !
وبـ هذا دافع الماركسيون العرب عن إسلامهم على الطريقة الشهيرة :
نحن نُصلي ونصوم ونؤمن بـ الشيوعية فقط .. كـ نظرية اقتصادية , بعيداً عما فيها من إلحاد وتوجهات سياسية .. مجرد علوم دنيوية لا أكثر !!
لكنهم للأسف الشديد نسوا أن هذا الإقتصاد أو حتى النظام السياسي قاما على أسس هي نفسها الأسس التي تقوم عليها الأديان والثقافات وهما ( تعريف الله والإنسان ) ..
فـ الملكية العامة قامت نتيجة الإعتقاد بـ أن الإنسان صاحب الخطيئة المتوارثة , تردى في تلك الخطيئة حتى بات غير مؤهل لأن يكون رشيداً ، وبـ التالي هو غير مستحق للحرية التي تمنحه ملكية فردية خاصة به ..
وعليه فـ المسلم الماركسي طبقاً لـ هذا عليه أن يُلغي من الإسلام كل ما يقوم على الحرية الفردية من صدقة وزكاة وميراث وكفارات !
ولأن ماركس أصلاً لا يؤمن بـ وجود إله في الأوقات التي يتظاهر فيها بـ أنه ليس يهودي , وبالتالي كيف يصلح أن يكون الإنسان صاحب خطيئة إن لم يكن هناك إله أخطأ الإنسان في حقه !!
وعليه فهناك إحتمالان :
الأول : أن ثقافته تحمل فيتال ميستاك يجعلها هراء , كونها تعتبر الإله مادة ( أو طبيعة خالقة بعدما ثبت أن الأصل شحنات كهربائية ) ، ثم بنت ثوابتها على الطريقة اليهودية التي تُقر أن الإنسان أخطأ في حق الله وتوارث الخطيئة , ولم يعد قادراً على الوصول إلى المجتمع الميثالي إلا عن طريق رجال الدين أو على الطريقة الماركسية .. حزب مكون من النخبة المميزة والذي يقود المجتمع إلى الميثالية ..
الثاني : أنها ثقافة ممسوخة ومتناقضة عادت الأديان كلها ، وبنت ثوابتها على نفس ثوابت اليهودية والنصرانية ، واستبدلت طبقة رجال الدين بـ طبقة الحزب الواحد ، أي غيرت الأشكال والأسماء وبقيّ المعنى واحد .. وعليه فهي لا تصلح كـ ثقافة حقيقية يعتنقها شخص يُسمي نفسه مثقف فضلاً عن أن يجمعها شخص بـ الإسلام ويدعي أنها لا تُعارضه .. وينسى أنها بـ الأساس تُعارض نفسها !
إذاً هو كـ مُسلم ماركسي كما يرى , إما أن يتخلى عن كل ما يقوم على الملكية الفردية في دينه ، أو يستثني من ثقافته الإشتراكية ما يُناقض دينه ، أي بـ وضوح إما أن يكره ما أنزل الله , ويحب ما جاء به ماركس ، أو ينسف أساس ثقافته التي تقوم على الملكية الجماعية !
هذا ونحن نتحدث عنه كـ ماركسي إقتصادي فقط , بعيداً عن الجانب الإجتماعي أو السياسي !
لكن رفض الليبرالية له توابع كثيرة تختلف عن رفض الشيوعية ، فلا يُمكنك أن ترفض الليبرالية ثم تُنادي بـ الديموقراطية وتتباهى بـ أنك تُجري انتخابات كل فترة , أو تدعي الوطنية وتُردد نشيدك كل صباح , أو تبني إقتصادك على الرأسمالية وتُرحب بـ كل بنك ربوي !
وانتقل إلى التطبيق العملي وتخيل نفسك حاكم وتواجهك مشكلة تُهدد بلادك , ولا تعرف أي خيار تسلك .. فهل تُجري تصويتاً أم تجمع الخبراء وتستشيرهم !
هكذا الديموقراطية نوع من الغوغائية المتحضرة , تتظاهر فيها بأنك عبقري وتمتلك حق الإختيار , والحقيقة أنك تتبع ما توسوس لك به وسائل الإعلام ، ويصبح فيها رأي الغبي الجاهل يُعادل رأي صاحب العلم ، فـ تلغي عبقرية الثاني , وفي الوقت نفسه تتحكم في رأي الأول والذي هو دائماً ما يُشكل غالبية أي مجتمع ، ناهيك عن أن قاعدة : " إن الحكم إلا لله " .. تنسف أساس الديموقراطية !
انعطف الآن إلى الوطنية , التي يتحول فيها الذمي إلى مواطن والمسلم إلى مواطن ، ويتساوى الجميع في الحقوق والواجبات .. وانظر لـ قوله تعالى : " أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ " ، ثم وبـ النتيجة يُحارب المسلم ضد من يدين بـ دينه في بلد آخر نصرة لـ مصالح وطنه ... المتغيرة !
والمعنى من كل هذا أنك حين ترفض الليبرالية , يتوجب عليك وحتى لا تُناقض نفسك .. أن ترفض كل مكوناتها الأخرى ، فـ آدم سميث أبو الرأسمالية , وجاك روسو زعيم الوطنية , وجون لوك باعث الديموقراطية ، كلهم أبطال النظام الليبرالي المقدسيين ولا يختلفون عن مل ، والأهم أنهم جميعاً استقوا فكرهم من نفس البئر التي ترفض الأديان وتُعظم حرية الفرد !!
وبـ مُجمل القول فإن كرهك لـ الليبرالية معناه أن ترفض كل ما تقوم عليه الدولة الحديثة ، وهي نقلة إسلامية كبيرة تحتاج لـ وقت كبير حتى تستوعبها المجتمعات الإسلامية .. التي تربت على أن تنبهر وتُعجَب بـ الإسلام حين يصفه لها البعض بـ أنه دين ديموقراطية ويحث على الوطنية ويُعظم الحرية والمساواة ، وهي عملية خلط احترافية لا يُمكن فيها أن تتبين حق من باطل ، بدأت كـ رد فعل وتجميل للإسلام في أعين من وصفهم شيخ الإسلام في بدايات القرن الماضي بـ :
" نوابغ من الكتاب والشعراء إتصلوا بـ الغرب وعلومه , فرأوا دينهم مقذوفاً به مع سائر الأديان إلى عالم الأساطير ، فلم ينبسوا بـ كلمة لأن الأمر أكبر من أن يُحاولوا ، ولكنهم إستبطنوا الإلحاد مُتيقنين أنه مصير إخوانهم كافة .. متى وصلوا إلى درجتهم العلمية ... " !
وأخيراً فـ الليبرالي المسلم الذي يدعي اعتزازه بـ الإسلام , يكفيه أنه لم يستطع أن يفهم دينه .. أو يفتقد للشجاعة التي تجعله يواجه تبعات ثقافته الجديدة ، وبـ المثل تماماً المسلم الذي يرفض الليبرالية .. وفي الوقت نفسه يستقي منها منهجه , فيضعها مثل أعلى له دون أن ينتبه ... !!
وابحث عن نظم أخرى طبقت الديموقراطية في نظامها السياسي , أو أعطت وفرة في الحرية كما فعلت الدول الليبرالية .. ولن تجد !
الشيوعية زعمت أن لديها ديموقراطية الفقراء ، وأثبتها لينين بـ أن قتل كل من صوت ضده في انتخاباته ، والعرب من بعدهم زعموا أن عصر الإقطاع قد انتهى ، وآن الآوان لـ يحكم الشعب نفسه بـ نفسه , فـ تقمص عبد الناصر دور الشعب .. وقرر أن يحكم أبداً ما دام في الآباد ، وعليها كان يصرخ يوم حادثة المنشية في الشعب : كلكم عبد الناصر .. كلكم عبد الناصر ... !
وعلى طريقته تشكلت ديموقراطية العرب ..
القصد أن المثل الأعلى لـ تطبيق الديموقراطية هي النظم الليبرالية ، لأنها جزء أساسي منها وليست دخيلة عليها ..
فإذا أرادت دولة أن تتماشى مع روح العصر , وتدعي الديموقراطية فعليها أن تتشبه بـ الدول الليبرالية ، وكلما تشبهت أكثر .. كلما تحسن وضعها الديموقراطي ، إلى أن تتفرنج أو تتأمرك على الطريقة اليابانية , وتتحول ثقافتها الموروثة حتى لو كانت دين إلى نوع من الفولكلور ، كأن نُصلي يوم واحد في السنة إحيائاً لـ تراثنا القديم مثلاً .. وهو ما فطن إليه بن علي في تونس , في خضم دفاعه عن الإسلام .. فقرر أن يُحافظ على استقرار مستوى الديموقراطية في بلاده !
ونتيجة لـ هذا القصد , فـ إن فكرة ترقيع نظام بـ نظم أخرى لا ينتج عنه إلا مسوخ مشوهة .. لا تختلف عن مسخ فرانكنشتاين ، كـ نظم الستينات الإشتراكية اقتصاداً والديموقراطية سياسة ، وتحولها في النهاية إلى شيء بلا معالم !
إعتدنا كـ مُسلمين أن نشمئز من الليبرالية ، لأنها تُمثل لنا كل معاني الفساد الأخلاقي والعري والإلحاد والتبعية للغرب .. بسبب أن أغلب من يُمثل الليبرالية في بلادنا .. مُجرد مأجورين أو مُعقدين نفسياً أو لديهم ثأر مع المجتمع والدين ، ناهيك مثلاً عن أشكال أبطال غرزة ابن خلدون التي تجعلك تتقيأ فور سماعك لـ كلمة ليبرالية !
لكن ماذا عن ليبرالية أخرى ، تتحدث عن المساواة والحرية والعدل والديموقراطية والنهضة والقوة العسكرية ومُقارعة الغرب ، مع احترام الدين والعادات والتقاليد , على اعتبار أن الدين والعادات والتقاليد ستدخل تحت شعار الحرية , وبهذا لن تخرج على قيم الليبرالية الأصلية ... إذاً كيف تكرهها بـ قدر كراهيتك لتلك المألوفة عندنا ؟!
أي نتجه إلى السؤال المُمل : هل يُمكن أن تتحقق معادلة .. ليبرالي مُسلم ؟
نعود أولاً إلى القرن الماضي , أيام عز الماركسية ..
فـ المؤكد أن الماركسيين العرب في القرن الماضي عانوا كثيراً للتوفيق بين الإشتراكية والإسلام , والسبب أن ماركس لم يتخيل في أكثر لحظات حياته تفاؤلاً أن يخرج من بين المسلمين من يؤمن بـ أفكاره وينشرها فـ أحرجهم حين زعم أن الإسلام ينتج نوع من التخلف يمنع ظهور نخبة مثقفة قادرة على إحداث التغيير وتطوير المجتمع الإسلامي !
ثم أحرجهم مرة أخرى , حين طالب الدول الرأسمالية بـ استعمار الشرق المسلم ( قبل أن تأتي إسرائيل ويصبح أوسط ) ، لأن مهمتهم الحضارية توجب عليهم نزع الإسلام بـ القوة , وتغيير البناء الأيدولوجي في الدول الإسلامية ولو أبادت ثلث سكانه في سبيل هذه المهمة الحضارية النبيلة !
وإضافة إلى إحراجهم , فقد أحرج نفسه بـ هذا التناقض الذي وقع فيه , حين ناقض ثقافته التي تقوم على حتمية التغير ، وأن تحول المجتمعات للإشتراكية أمر خارج عن إرادة البشر !
وبـ هذا دافع الماركسيون العرب عن إسلامهم على الطريقة الشهيرة :
نحن نُصلي ونصوم ونؤمن بـ الشيوعية فقط .. كـ نظرية اقتصادية , بعيداً عما فيها من إلحاد وتوجهات سياسية .. مجرد علوم دنيوية لا أكثر !!
لكنهم للأسف الشديد نسوا أن هذا الإقتصاد أو حتى النظام السياسي قاما على أسس هي نفسها الأسس التي تقوم عليها الأديان والثقافات وهما ( تعريف الله والإنسان ) ..
فـ الملكية العامة قامت نتيجة الإعتقاد بـ أن الإنسان صاحب الخطيئة المتوارثة , تردى في تلك الخطيئة حتى بات غير مؤهل لأن يكون رشيداً ، وبـ التالي هو غير مستحق للحرية التي تمنحه ملكية فردية خاصة به ..
وعليه فـ المسلم الماركسي طبقاً لـ هذا عليه أن يُلغي من الإسلام كل ما يقوم على الحرية الفردية من صدقة وزكاة وميراث وكفارات !
ولأن ماركس أصلاً لا يؤمن بـ وجود إله في الأوقات التي يتظاهر فيها بـ أنه ليس يهودي , وبالتالي كيف يصلح أن يكون الإنسان صاحب خطيئة إن لم يكن هناك إله أخطأ الإنسان في حقه !!
وعليه فهناك إحتمالان :
الأول : أن ثقافته تحمل فيتال ميستاك يجعلها هراء , كونها تعتبر الإله مادة ( أو طبيعة خالقة بعدما ثبت أن الأصل شحنات كهربائية ) ، ثم بنت ثوابتها على الطريقة اليهودية التي تُقر أن الإنسان أخطأ في حق الله وتوارث الخطيئة , ولم يعد قادراً على الوصول إلى المجتمع الميثالي إلا عن طريق رجال الدين أو على الطريقة الماركسية .. حزب مكون من النخبة المميزة والذي يقود المجتمع إلى الميثالية ..
الثاني : أنها ثقافة ممسوخة ومتناقضة عادت الأديان كلها ، وبنت ثوابتها على نفس ثوابت اليهودية والنصرانية ، واستبدلت طبقة رجال الدين بـ طبقة الحزب الواحد ، أي غيرت الأشكال والأسماء وبقيّ المعنى واحد .. وعليه فهي لا تصلح كـ ثقافة حقيقية يعتنقها شخص يُسمي نفسه مثقف فضلاً عن أن يجمعها شخص بـ الإسلام ويدعي أنها لا تُعارضه .. وينسى أنها بـ الأساس تُعارض نفسها !
إذاً هو كـ مُسلم ماركسي كما يرى , إما أن يتخلى عن كل ما يقوم على الملكية الفردية في دينه ، أو يستثني من ثقافته الإشتراكية ما يُناقض دينه ، أي بـ وضوح إما أن يكره ما أنزل الله , ويحب ما جاء به ماركس ، أو ينسف أساس ثقافته التي تقوم على الملكية الجماعية !
هذا ونحن نتحدث عنه كـ ماركسي إقتصادي فقط , بعيداً عن الجانب الإجتماعي أو السياسي !
لكن رفض الليبرالية له توابع كثيرة تختلف عن رفض الشيوعية ، فلا يُمكنك أن ترفض الليبرالية ثم تُنادي بـ الديموقراطية وتتباهى بـ أنك تُجري انتخابات كل فترة , أو تدعي الوطنية وتُردد نشيدك كل صباح , أو تبني إقتصادك على الرأسمالية وتُرحب بـ كل بنك ربوي !
وانتقل إلى التطبيق العملي وتخيل نفسك حاكم وتواجهك مشكلة تُهدد بلادك , ولا تعرف أي خيار تسلك .. فهل تُجري تصويتاً أم تجمع الخبراء وتستشيرهم !
هكذا الديموقراطية نوع من الغوغائية المتحضرة , تتظاهر فيها بأنك عبقري وتمتلك حق الإختيار , والحقيقة أنك تتبع ما توسوس لك به وسائل الإعلام ، ويصبح فيها رأي الغبي الجاهل يُعادل رأي صاحب العلم ، فـ تلغي عبقرية الثاني , وفي الوقت نفسه تتحكم في رأي الأول والذي هو دائماً ما يُشكل غالبية أي مجتمع ، ناهيك عن أن قاعدة : " إن الحكم إلا لله " .. تنسف أساس الديموقراطية !
انعطف الآن إلى الوطنية , التي يتحول فيها الذمي إلى مواطن والمسلم إلى مواطن ، ويتساوى الجميع في الحقوق والواجبات .. وانظر لـ قوله تعالى : " أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ " ، ثم وبـ النتيجة يُحارب المسلم ضد من يدين بـ دينه في بلد آخر نصرة لـ مصالح وطنه ... المتغيرة !
والمعنى من كل هذا أنك حين ترفض الليبرالية , يتوجب عليك وحتى لا تُناقض نفسك .. أن ترفض كل مكوناتها الأخرى ، فـ آدم سميث أبو الرأسمالية , وجاك روسو زعيم الوطنية , وجون لوك باعث الديموقراطية ، كلهم أبطال النظام الليبرالي المقدسيين ولا يختلفون عن مل ، والأهم أنهم جميعاً استقوا فكرهم من نفس البئر التي ترفض الأديان وتُعظم حرية الفرد !!
وبـ مُجمل القول فإن كرهك لـ الليبرالية معناه أن ترفض كل ما تقوم عليه الدولة الحديثة ، وهي نقلة إسلامية كبيرة تحتاج لـ وقت كبير حتى تستوعبها المجتمعات الإسلامية .. التي تربت على أن تنبهر وتُعجَب بـ الإسلام حين يصفه لها البعض بـ أنه دين ديموقراطية ويحث على الوطنية ويُعظم الحرية والمساواة ، وهي عملية خلط احترافية لا يُمكن فيها أن تتبين حق من باطل ، بدأت كـ رد فعل وتجميل للإسلام في أعين من وصفهم شيخ الإسلام في بدايات القرن الماضي بـ :
" نوابغ من الكتاب والشعراء إتصلوا بـ الغرب وعلومه , فرأوا دينهم مقذوفاً به مع سائر الأديان إلى عالم الأساطير ، فلم ينبسوا بـ كلمة لأن الأمر أكبر من أن يُحاولوا ، ولكنهم إستبطنوا الإلحاد مُتيقنين أنه مصير إخوانهم كافة .. متى وصلوا إلى درجتهم العلمية ... " !
وأخيراً فـ الليبرالي المسلم الذي يدعي اعتزازه بـ الإسلام , يكفيه أنه لم يستطع أن يفهم دينه .. أو يفتقد للشجاعة التي تجعله يواجه تبعات ثقافته الجديدة ، وبـ المثل تماماً المسلم الذي يرفض الليبرالية .. وفي الوقت نفسه يستقي منها منهجه , فيضعها مثل أعلى له دون أن ينتبه ... !!
10 التعليقات:
لا ادري ما السر وراء حب الناس لكل هذه التعقيدات والتفاهات..
على الرغم من ان المفاهيم الاسلامية وقوانينه الربانية واضحة وبسيطة، وتحقق للناس الحريةالتي يبحثون عنهاويناشدونها منذ قرون، والتي لن يجدوها الا برجوعهم الى الاصل!
الحمد لله على نعمة الاسلام
شكرا على الاثراء، وبانتظار جديدك :)
آ .. العفو , وأهلاً ..
امم ..
لماذا هذه المدونة فارغة http://vagabondage0.wordpress.com/
... ؟!
دخلت وأنا أفكر أن فيها الكثير ::إحباط أكثر من اللازم ::
مم.. لا ادري كيف اقولها، لكن السبب سيبدو غير مقنع، لانه حتى انا لم اقتنع به، لكن لا ادري كيف يحدث كل هذا فجأة..
لو كنت ما زلت تستخدم pryor او الآخر، فسأخبرك بالسبب.. بالاضافة الى شيء ما ارغب بأخذ رايك فيه منذ فترة اذا كان لديك وقت طبعا ^^"
بالنسبة للمدونة.. ان كان الامر سيحدث بسرعة، فادخل اليها في منتصف فبراير، وستجد ان العمل قد بدأ.
وحاليا يتم التحضير لها حقا، فقط اتمنى الا تثبط الهمة في منتصف الطريق >.>
*تحير
لو بدأَتْ.. هل ستفكر بالمشاركة؟
بالنسبة للسطر الثاني الغير مفهوم..
كنت اقصد بان هناك شيء ما ارغب بأخذ رأيك به اذا كنت تملك وقتا
لو كنت ما تزال تستخدم pryor او الآخر فسأخبرك به
وايضا ان كنت ترغب بمعرفة السبب فسأخبرك به ايضا
هل هي لعنة الطلاسم؟!!
لن اعيد كتابته مجددا :تعجب:
مثير للفضول :موسوس:
من أثار فضول من ! :: موسوس أكتر منك ::
ايها الثائر..
ماذا ترى فيما يحدث؟؟
وكأن هناك حلقه مفقوده!
لا للحرية .. تحت صنم الديمقراطية ..!
فرحة كبيرة ..هي التي عمت مصر !
وكلمات التهاني انتشرت ... مبارك ألف مبارك .. انتهى عهد مبارك !!
نعم صدقوا وهم لا يقصدون !!
فقد ذهب مبارك فـ ألف مبارك ..
فالصنم الذي سيصبحون عبيد له هو اكبر من فرعونهم بألف مرة !!
قد يكون الكلام غامض مبهم ولكنها الحقيقة ...
جموع غفيرة اندفعت لتسقط نظام دام لأكثر من 30 عام ...
في تونس ثم في مصر ورأينا الطواغيت تتهاوى الواحد تلو الأخر والآتي قادم !!
هم كانوا جزء من الخطة التي[ وضعت على كل بلد عربي طاغوت ليسيم شعبه سوء العذاب]
سنوات طويلة مضت والفراعنة ينظرون إلى أمريكا بأنها الإلهة وان لا اله إلا هي
ولأنك دائما كما تدين تدان فكما تخون تُخان !
فها قد أُحرقت أوراقهم بعد أن انتهى عملهم ....!
لتبدأ خطة جديدة رسمها الرئيس الأمريكي اوباما ذلك الاسود العنسي الماكر!
نعم فبعد 30 عاما من الاضطهاد تتفجر الثورات لتعم الحرية البلدان العربية يحصلون عليها بالسلم وبمساندة أمريكا
لتكوين حكومات ديمقراطية في كل البلدان العربية جميعها ترفع شعار لا للإرهاب
فالإرهاب_ كما تسميه أمريكا_ سيكون مستقبلاً مجبراً على الوقوف بوجه كل هذه البلدان الغير مستعدة للدخول في إي حرب بعد إن حصلوا على ما يريدون _حسب اعتقادهم_بالسلام !!
وهكذا يكون اوباما قد استخدم نوع جديد من الحرب بعد إن فشل في الميدان بدأ يحارب بلا معركة
وحسب اعتقادي هذا النوع من الحرب لا يُجيدها أحباؤنا الإبطال الذي اعتادوا على التضحية في سوح القتال ....
هذا ما أراه ببساطة
والصنم الذي سيجد نفسه كل من شارك في هذه المظاهرة وساندها عبد له هو
صنم الديمقراطية
هذا على الأقل حسب ما أراها...
اتمنى ان تكون بخير باري
حذفت بعض الردود لـ طول الصفحة .. مع أنني أصلاً لا أنوي أن أملئها في ردي ^^"
في الوقت الحالي والسابق وغالباً اللاحق .. سأستخدم شعار : صامتون ( من دون دال ! )
ولأني تخلصت من عادة الإندفاع في الكلام فـ سأثرثر قليلاً .. ويفترض أن يكون كلامي مفهوماً : كما سوف لن يبدوا + لن أخرى >.>
رأيي في مجمله لن يختلف عن رأي فراشة ، والخطة بسيطة وبـ إختصار :
1 – تحويل الهلال الشيعي إلى دائرة .
2 – الدائرة ستكتمل بـ مصر واليمن والقطيف والبحرين والكويت ، وبقية الدائرة معروفة .
3 – الإخوان في مصر مستعدون ومرحبون ويريدون .
4 – في الوقت الحالي الإختيار الإخواني أسوأ الإختيارات ، وغيره اسوأ منه ، والكعكة المقدمة مع الإختيار مصيبتها أن لا خلاف عليها ، وهذا = كارثة .. !
وطبعاً إذا كان الخيار بين المشروع الأمريكي والمشروع الشيعي ، والدولة اللادينية بـ المرجعية الدينية والدولة اللادينية بـ مرجعية الظروف ، والهلال صديق الصليب فسيكون الجلوس في غرف العمليات أفضلاً كثيراً من الوقوف في التحرير .. !
مع أن غرفة العمليات في الحقيقة ممتعة جداً ..
هنا الشيخ محمد رسلان :
http://www.rslan.com/vad/items_details.php?id=3184
فقط .. كانت تنقصه جولة ميدانية + أن 2008 ليست 2011
و في الأخير : القرد الذي يؤدي حركته التي تعلمها ثم يُمدح بشدة ، يكون المديح أصلاً لمن علمه .. !
أريد أن أقول زائد .. لكن قررت الآن أن أتذكر الشعار ..
إرسال تعليق